يُعد الانفصال عن شخص نرجسي خطوة أساسية نحو التعافي، ولكنها ليست النهاية. فبعد الانفصال مباشرة، يجد الكثيرون أنفسهم في دوامة من التساؤلات والارتباك، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع النرجسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قد تسمع آراء متضاربة حول ما إذا كان يجب حظره أم لا، ولكن الحقيقة أن الحظر (Block) ليس مجرد إجراء بسيط، بل هو أداة قوية وضرورية لحماية نفسك واستعادة حياتك.
في هذا المقال، سنوضح لك الأسباب الخمسة الرئيسية التي تجعل حظر النرجسي خطوة لا غنى عنها في رحلة تعافيك.
1. لمنع مراقبته وتأثيره عليك نفسيًا
أحد أهم الأسباب التي تدفعك لحظر النرجسي هو حماية نفسك من التأثر بما ينشره على وسائل التواصل الاجتماعي. يعلم النرجسي أنك ستراقبه، لذلك سيستغل هذه الفرصة للانتقام منك وإثارة غيرتك. سيبدأ في نشر صور ومقاطع فيديو تظهره سعيدًا، أو يتواجد في أماكن تعلم أنه يثير غضبك وجوده فيها، أو يتواصل مع أشخاص تعلم أنك تكرههم.
هدفه من كل هذا هو أن يزرع فيك الشك والقلق. ستتساءل: “كيف تخطاني بهذه السهولة؟” و”هل كنت ساذجًا طوال هذه المدة؟”. هذه الأسئلة ستجعلك تشعر بالضعف وتستمر في التفكير فيه، وهو ما يمنحه الوقود النرجسي الذي يتغذى عليه حتى بعد الانفصال. الحظر يقطع هذا التواصل، ويمنع النرجسي من التلاعب بمشاعرك والتأثير على حالتك النفسية.
2. لتجنب تخريب المناسبات والأعياد
النرجسي لا يحب أن يرى الآخرين سعداء، خاصة إذا كان هذا الشخص أنت. إنه يرى في المناسبات السعيدة والأعياد فرصة مثالية لإثارة الدراما وتعكير صفو مزاجك. إذا لم تحظره، سيحاول التواصل معك في هذه الأوقات بطرق مختلفة.
قد يرسل لك رسالة تهنئة تحمل في طياتها كلامًا سلبيًا أو تذكيرًا بالأيام السيئة التي قضيتها معه، أو قد يذكرك بالأوقات الجميلة التي عشتماها معًا بهدف إثارة شعورك بالذنب. وقد يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر منشورات تظهر فيها سعادته مع شريك جديد، أو يلعب فيها دور الضحية، مما يجعلك تشعر بالذنب والمسؤولية عن إنهاء العلاقة. حظر النرجسي يحرمه من فرصة إفساد فرحتك ويمنعك من تلقي رسائل التلاعب هذه.
3. لإغلاق الباب في وجهه نهائيًا
قد تعتقد أن الانفصال هو النهاية، ولكن النرجسي يرى فيه مجرد بداية لفصل جديد من اللعبة. سيطلب منك ألا تحظره، أو قد يقترح عليكما أن تبقيا “أصدقاء”. لا تنخدع بهذه الحجج. النرجسي لا يريد أن يكون صديقًا، بل يريد أن يبقي باب العلاقة مفتوحًا.
هدفه هو أن يظل على اتصال بك، وأن يضمن بقاءك في حياته كمصدر للوقود النرجسي. إذا سمحت له بالبقاء، فإنه سيستغل أول فرصة للعودة إليك، وقد يستخدم التلاعب العاطفي، مثل تذكيرك بالذكريات الجميلة أو إظهار الندم، لإقناعك بالعودة إلى العلاقة. الحظر هو الطريقة الوحيدة لإرسال رسالة واضحة وقاطعة بأن العلاقة قد انتهت وأنك لا تنوي العودة.
4. لحماية خصوصيتك ومعلوماتك
النرجسي شخص متطفل بطبيعته، وسيظل يراقبك حتى بعد الانفصال. إذا لم تحظره، فإنه سيستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة تحركاتك وأخبارك. قد يراقب أين تذهب، ومع من تتحدث، وما هي خططك المستقبلية. وإذا كان يرى أنك تعيش حياة سعيدة، فإنه سيشعر بالغيرة وسيحاول التدخل في حياتك مرة أخرى.
وقد يستخدم النرجسي أيضًا أساليب أكثر خطورة، مثل إنشاء حسابات وهمية لمراقبتك، أو حتى التواصل مع أصدقائك المقربين للحصول على معلومات عنك. حظرك للنرجسي على جميع المنصات هو خطوة ضرورية لحماية خصوصيتك وقطع جميع طرق التطفل.
5. لتسريع عملية التعافي والشفاء
أهم سبب لحظر النرجسي هو أن هذا الإجراء يساعدك على التعافي بشكل أسرع. التعافي من علاقة سامة يتطلب الابتعاد التام عن مصدر الأذى. حظرك للنرجسي يمنعك من مراقبته، ويمنعه من التأثير عليك، ويقطع جميع الأبواب التي يمكن أن يعود من خلالها.
عندما تحظره، فإنك ترسل رسالة إلى نفسك بأنك تستحق السلام والراحة. أنت تختار أن تركز على حياتك، وعلى بناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن التلاعب والدراما. هذه الخطوة هي إعلان منك بأنك أنهيت العلاقة بكامل إرادتك، وأنك لن تسمح لأي شخص بإعادتك إلى الماضي المؤلم.
إن عملية الحظر ليست ضعفًا، بل هي قوة. إنها دليل على أنك اتخذت قرارًا نهائيًا بحماية نفسك واستعادة حياتك، وهذا هو أهم ما يمكنك فعله بعد الانفصال.
لقراءة مقالاتنا الاسبوعية