الهجوم المضاد: كيف تحمي نفسك من هجمات النرجسي الأخيرة؟

في رحلة التعافي من العلاقة النرجسية، تأتي لحظة تشعر فيها أنك بدأت تتنفس للمرة الأولى. تسحب مشاعرك، وتصمت، وتتوقف عن الشرح، والتبرير، وإرضاء الطرف الآخر. في تلك اللحظة، تشعر وكأنك تنهض من تحت الأنقاض، وتستعيد نفسك. ولكن الغلطة التي يقع فيها الكثيرون هي أنهم يعتقدون أن الطريق بعد ذلك سيكون سهلًا.

الحقيقة أن أصعب لحظة تأتي عندما تبدأ في ترسيخ نفسك، لأن هذا هو الوقت الذي يشن فيه النرجسي هجمته الأخيرة والمفاجئة. إنها هجمة مصممة لزعزعة استقرارك، وإعادتك إلى فخ السيطرة. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذه الهجمات، وسنكشف عن الطرق التي يمكنك من خلالها أن تكوني مستعدة نفسيًا لمواجهتها، وكيف يمكنك تحويل هذه الهجمات إلى دليل على قوتك.


1. الهجمة طبيعية وليست استثناءً

الخطأ الأول الذي يقع فيه الناجون هو الاعتقاد بأن الهجوم بعد التجاهل هو دليل على أنهم أخطأوا أو استعجلوا. ولكن الحقيقة هي أن هذه الهجمات طبيعية، وتحدث لكل من يقرر الانسحاب من دائرة الوقود النرجسي.

  • الهجوم دليل على النجاح: الهجوم ليس علامة على فشلك، بل هو دليل على أنك نجحت في قطع الوقود.
  • الاستعداد النفسي: بدلًا من أن تسألي: “لماذا يحدث هذا لي؟”، اسألي: “هل أنا مستعدة لهذا؟”

2. اعرفي دفاعاتك ونقاط ضعفك

الهجمات النرجسية ليست عشوائية. إنها تضرب في أضعف نقطة فيك، وتستخدم السلاح المناسب.

  • لعبة الضحية: إذا كانت نقطة ضعفك هي الشعور بالذنب، فسيلعب دور الضحية.
  • التهديد بالهجر: إذا كنتِ تخافين من الوحدة، فسيعاقبك بالصمت.
  • الخضوع: إذا كنتِ تخافين من الغضب أو المواجهة، فسيهددك، ويفرض عليك الطاعة.
  • الفضيحة: إذا كنتِ تخافين من نظرة الناس، فسيبدأ في تشويه سمعتك.
  • الخوف من الفشل: إذا كنتِ تخافين من الفشل، فسيقول لكِ: “لقد خسرت كل شيء. أنتِ لا تستطيعين أن تحافظي على بيتك”.

مهم أن تكتبي لنفسكِ: “ما هي نقطة ضعفي؟” “ما هو السلاح الذي يستخدمه النرجسي ضدي؟” عندما تعرفين هذا، لن تقعي في الفخ بسهولة مرة أخرى.


3. بناء دائرة أمان داخلية

هذه الدائرة هي حصنك الداخلي. إنها ما يمنحك القوة لمواجهة الهجمات.

  • النوم المنتظم: حافظي على نوم منتظم. النوم هو وقودك للشفاء.
  • الأكل الصحي: تناولي أكلًا صحيًا يغذي جسدك وعقلك، وتجنبي السكر والكافيين.
  • الرياضة: حتى لو كانت ربع ساعة يوميًا. الرياضة تقوي جهازك العصبي.
  • قراءة وسماع: اقرئي أو اسمعي أشياء تعيد لكِ توازنك.
  • التواصل: تحدثي مع أشخاص آمنين، حتى لو كانت واحدة فقط.

4. حدودك الداخلية هي درعك الحقيقي

الحدود ليست خارجية فقط. الأهم هي الحدود الداخلية.

  • الوعي: لا يكفي أن تقولي له “لا تتصل بي”. الأهم أن تقولي لنفسك: “لو اتصل، لن أصدق ما يقول”.
  • عدم التصديق: إذا قال إنه تغير، فتذكري كم مرة قالها.
  • التذكير بالقيم: ذكريه بأنكِ لستِ ضعيفة، وأنكِ قوية بما يكفي لمواجهة أي شيء.

5. أنتِ لستِ النسخة القديمة

النرجسي يلعب على النسخة القديمة منكِ: الضعيفة، التي تنهار، والتي تتعلق. ولكنكِ الآن لستِ تلك النسخة.

  • التغيير: اكتبي لنفسكِ كل يوم: “أنا تغيرت. أصبحت أرى الأمور بشكل مختلف. أستطيع أن أميز بين الحب والأذى”.
  • عدم التبرير: لا تضطري إلى الرد لإثبات أن قلبك طيب. النرجسي هو من يحتاج إلى الإثبات، وليس أنتِ.
  • قوة الوعي: عندما يهاجمك، فكري: “هذه هجمة. إنه ليس حقيقيًا. إنه يهاجم لأنه يرى أن وعيي أصبح خطرًا عليه”.

السيناريوهات الشائعة للهجمات وكيفية التعامل معها

  1. هجوم بالعاطفة والحنين: يقول: “لم أكن أريد أن نصل إلى هذا. أنتِ من أغلقتِ الباب. كنت أحبك”.
    • الرد: هذا ليس ندمًا، بل هو استعادة للسيطرة. ردي على نفسكِ: “هذا اختبار للنسخة القديمة مني. لو كان ندمان، كان غير سلوكه”.
  2. هجوم بالذنب والتهديد: يهدد: “لن تري أولادك مرة أخرى. أنتِ محتاجة للمساعدة. لا أحد سيحبك مثلي”.
    • الرد: هذا تهديد يهدف إلى التخويف. ردي على نفسكِ: “هذا ليس صوت شخص مسؤول، بل شخص يحاول كسري”.
  3. هجوم بالتشكيك في الوعي: يقول: “الجميع يرى أنكِ جننتِ. لقد لعب أحدهم بعقلك. أنتِ تدمرين بيتك بيديك”.
    • الرد: هذا يهدف إلى زعزعة ثقتكِ. ردي على نفسكِ: “أنا أرى الآن أكثر من أي وقت مضى. وهذا ما يجعله خائفًا”.

في الختام، إن الهجوم ليس نهاية الطريق، بل هو اختبار لثباتكِ وحدودكِ. كل مرة تتجاوزين فيها هجمة دون أن تفقدي السيطرة، فإنكِ تكسبين خطوة حقيقية نحو حريتكِ. تذكري: أنتِ لستِ ضعيفة، بل قوية بما يكفي لتحدي أي شيء.

شارك هذه المقالة

لقراءة مقالاتنا الاسبوعية